الخميس، 18 فبراير 2016

هل تعديل السلوك (behavior modification)، فن؟ ...
نعم إنه فن ..لكن هل تجاوز مصطلح الفن التربوي أو النفسي،  بحيث يُردف بكلمة علم؟ أم أنه لازال يعيش المراهقة العلمية ؟..
   أتساءل وله رواد مؤسسون، ومنظّرون،ومطورون، له قواعد واستراتيجيات عامة، وخطط وبرامج خاصة، وهذه إشارة يفهمها (شيوخ) التخصص.
    مجتمعي الكريم.. أين أنت من نشر ثقافة تعديل السلوك؟ هل لبَنَاتُك وأربابها محصنون دون العبث السلوكي؟ هل تخلو من ملامح الطيش والتلكؤ التربوي والتأخر النفسي والاجتماعي والديني والعقلي (باعتبارها جوانب الشخصية)؟!
   إن تعديل السلوك (قافلة) على النخب الاجتماعية توجيه عامة الناس للالتحاق بها ، وهو (نبتةٌ) على أرباب الأُسر زرعها في بيوتاتهم، وهو درسٌ على المؤسسات الاجتماعية والرسمية تدريسه، كيف لا؟ والحاجة بلغت أمسّها أيها المجتمع الكريم.
    تعال يا مجتمعي لترى الذكاء يشتكي من تراجع سقفه بين أطفالنا حتى أن لانحراف الأول بعد المائة في المنحنى الاعتدالي يشتكي من عزوفهم عنه!!  , والسلوك التكيفي ضاق التأخر به ذرعاً، فتخلوا عن مسئولياتهم الشخصية والاجتماعية، ومفهوم الذات أودى بالكثير متناقصاً حتى بلغت نسبة  الاعتداء بنوعيه ما بلغت، وما إن يكبر أطفالنا حتى يطبع الكثير منهم بصمة في جبين التسرب الدراسي، وتتوالى فيك يا مجتمعي شتى صنوف المشكلات الاجتماعية.. فالتدخين بأشكاله ينتشر ليكون علامة بارزة في( نقلة) المراهقة، ولا يستحي أبناؤك يا مجتمعي فيَسُود بينهم الشذوذ الجنسي (اللواط+ السحاق)، ويتوالى (ما يسوِّد ساحتك) شيئا فشيئا ليسرقوا ويعتدوا أو يخونوا...الخ. فهلاَّ وعيت يا مجتمعي؟! هلاَّ أحسست بأهمية هذا الفن الذي من شأنه القضاء على كل هذا؟؟..
    ما بعد خطوة الشعور بالحاجة تتأتى متطلبات الشروع في نشر قواعد هذا المسلك ومناهجه والتي منها توفر المتخصص الناشر، والمستمع الواعي، والاستراتيجيات الموثـقة، وأما المتخصص فالجامعات بكلياتها، والمعاهد الإنسانية بأنواعها قادرة على تأهيلهم وتجهيزهم لخوض غمار هذا المجال، و بخصوص المستمع فيبقى الفرد في مجتمعي متعطش للتثقف والنصح و التوعّي، فكل مانحتاج جهود بسيطة من المنابر الإعلامية والدينية لمدى الحاجة لهكذا مجال وستجد أنه يلبي النداء، أما فما يتعلق بالاستراتيجيات فهي متناثرة بين صفحات الكتب ذات الشأن، وتنتظر من ينتشلها.
    كما أن تعديل السلوك أطّره المتخصصون بجملة أهداف قيمة توضح مساره أذكر منها  على عجالة: مساعدة الفرد على التقليل من السلوكات غير المرغوبة مثل (الكذب)، وعلى التوافق والتكيف مع البيئة (استفادة من التوجيه والإرشاد التربوي أو النفسي)، وعلى زيادة السلوكات المرغوبة مثل (التعاون)، وتحسين أساليب التعامل مع الفرد صاحب السلوك مثل (تنمية الحوار)، والتعرف على أسباب حدوث المشكلة التي أظهرت السلوك، وتحديد السلوك المُـشكل وضبطه والتحكم به من خلال التحكم بالمثيرات ونتائجها، كما يساعد على إشباع الحاجات (بالاستفادة من علم النفس) مما يحد من المشكلات (كالإحباط أو التوتر).
    إن حاجتنا لهذا المجال واستخدام تقنياته التربوية والنفسية غير مقتصرة على العيادة النفسية أو المركز التربوي بل تمتد الضرورة  لتطبيق أدواته في المنزل والمدرسة وكل ميادين الحياة التي يتواجد فيها السلوكات الغير مقبولة أو السلوكات المقبولة، علما أن هناك جملة معايير تُراعى للحكم على السلوك الذي نريد تعديله أو تبديله أو إزالته أو تشكيله منها المعايير النمائية(Developmental - Norms) و الفردية(الذاتية) (Individual - Norms) و الاجتماعية (ٍSocial - Norms) و الإحصائية (ٍStatistical - Norms) .
   فالمعايير النمائية وعبر تصنيفاتها المختلفة لمراحل النمو  يمكن التعرف على ما إذا كان السلوك منحرف عن تلك المرحلة الزمنية أم لا، فعدم حبو الطفل خلال السنة الأولى يعتبر تأخرا نمائيا ينبغي التعرف على أسبابه. كما أن المعايير الفردية يُنظر لها وتُؤخذ في الحسبان فما يصلح لفرد قد لا يصلح لآخر  إشارة للفروق الفردية والتي عادة ما تكون بعيدة عن تأثير المعززات و العقاب الخارجيين، وهناك المعايير الاجتماعية حيث يتم تصنيف السلوك وفقا للقيم والعادات الاجتماعية السائدة، أما المعايير الإحصائية والتي تعتبر تخصصية نوعا ما، وتهتم بتصنيف السلوك إلى مرغوب أو لا مرغوب بناء على القياس بطريقة كمية رقمية من خلال حسا التكرارات في قوائم التقدير أو المقابلة أو الملاحظة في فترة زمنية ...الخ، فهي كذلك في غاية الأهمية.في ضوء ما سبق يمكن إعداد قائمة من السلوكات المرغوبة أو غير المرغوبة  وفق معايير علمية واضحة .


عبدالحكيم بن يوسف العواس 1434

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق